العارف بالله طلعت يكتب : اياكم والشكاوى الكيدية
الشكاوى الكيدية إحدى الآفات التي أصابت المجتمع أرتكبها البعض في محاولة منهم لإيذاء الآخرين وإلصاق التهم بهم للنيل من أخلاقهم وكرامتهم . أصبحنا لا نجلس مع الأصدقاء أو مع الأقارب ولا نسمع سوى لغة الشكوى البعض يقول إننا نشكو تجنبا للحسد والآخر يقول إنها هواية مترسبة منذ قديم الأزل وآخر يقول ( الشكوى لغير الله مذلة) .
الشكاوى الكيدية من الأمور التي تربك المحاكم وتجعلها في حالة من الضياع في الوقت والجهد وبذل الكثير من الطاقة والحد من هذه الظاهرة يتبلور في رقي المجتمع وتقدم البلد إذ تكبل الشكاوى الكيدية العقل وتحجب الإبداع وتجعل من الفرد والمجتمع متخلفا متراجعا وهذا مخالف لما جاء به الشرع والشكاوى الكيدية من نتائجها الظلم والعدوان والحسد والغل فقد يتأثر الفرد والمجتمع بهذا النوع من الشكاوى ماديا ومعنويا فتضيع الحقوق وتظهر الفرقة والشتات ويصاب المجتمع بأمراض الكراهية والبغض والفتنة والنميمة والتنافس على صناعة الشر ومكايدة الصديق لصديقه والأخ لأخيه وكل هذا ضد تقدم الفرد والمجتمع وهدر للطاقة والقوة التي من المفترض أن توظف في تقدم المجتمع لا أن توظف في تخلفه وإغراقه في ويلات الدمار والخراب ومن هنا وجب التوثيق لهذه الشكاوى وعدم النظر في ما كانت مجهولة الهوية وإلزام أصاحبها بدفع رسوم التقاضي وإحالتها للتحقيق وتطبيق العقوبات الشرعية على مقدميها .والشكوى الكيدية منها رفع شكوى كيدية ضد الغير لا لأجل رفع مظلمة شخصية أو حق عام يخص المجتمع وإنما يقصد تفويت مصلحة الغير أو الإضرار به فهذا لا يجوز بدليل الحديث ( لا ضرر ولا ضرار).
وفالشكوى الكيدية أثرها على الفرد تفويت مصلحة بل قد تأتيه بضرر .. أما المجتمع تصيبه الفرقة والكراهية وانتشار العداوات وتربص أفراده بعضهم ببعض .
وإن الشكوى حق لكل مواطن يشعر بظلم وهذا حق كفله الدستور والقانون ولا حجر على أي مواطن في التقدم بشكواه إلي أية جهة فأي فرد له الحق في أن يشكو أي مواطن .
أن الشكاوى الكيدية لها آثار سلبية وإيجابية أما أهم الآثار السلبية للشكوى فهي إيقاع الظلم على المشكو في حقه ولو مؤقتا وما إلي ذلك ويجري التحقيق بسؤال الشاكي إن كان معلوما وسؤال المشكو في حقه أو مواجهته إذا كان الشاكي مجهولا وفي الحالتين يصاب المشكو في حقه بالتوتر وأهمية أن نعامل أولادنا بموضوعية ونعلمهم كيف يقولون الحق ويبتعدون عن المبالغة التي تؤدي بهم إلي الشكوى الدائمة وأهمية تدريبهم علي العدالة والأخلاق حتى لا يروا أنفسهم في حال مخالف عن حالهم لأن أساس الشكوى هو الشعور بالظلم وكثيرا ما يأتي هذا الشعور نتيجة النظر للأمور من إطار مختل .لذلك فالزوجة العاقلة والزوج المتريث لا يعلنان عن شكواهما أمام الأبناء حتى لا ينقلا لهما الإحساس بعدم الرضا .فالشكوى ملمح من الملامح النفسية التي تعبر عن شخصية غير سوية أما الشكوى من سلوك أو فكرة فهذا تحيز وعدم بصيرة بالموقف في حين أن الهدوء والتفكير المتأني أفضل بكثير من التجريح والخروج عن الإطار الاجتماعي .
والشكاوى الكيدية تصدر ممن هو أدنى ضد من هو أعلى بمعنى نسب تهمة إلي شخص في مستوى أعلى وهي كيدية بمعنى أنها مختلفة وهى غالبا ما تكون سرية غير موقع عليها من صاحبها ليخفى صاحبها نفسه . وإذا نظرنا إلى جوهر المشكلة لوجدنا الخلل يتمثل في العلاقة بين الموظف ورئيسه في العمل أي بين الرئيس والمرؤوس في كافة المجالات فإذا عالجنا هذا الخلل اختفت الشكاوى الكيدية .ولمواجهة هذه المشكلة لابد من الرجوع إلى الأسباب والدوافع التي جعلت البعض يقدم عليها والأسباب تكمن في غياب الشفافية والمصداقية فأخيه فيسود التسامح رغم أن كثيرا من هذه الشكاوى قد لا تجد لها حلا إلى إنها تلعب دور نفسيا عظيما تجعل صاحب الشكوى يصبر على بلواه وتمنحه بعض الأمل في أن يعرف المسئول المختص بهذه الشكوى ويحلها بما يملك من إحساس بالعدل والحق . لذا فالشكوى لها دور علاجي لنفسية الشاكي لما تمنحه له من راحة نتيجة تفريغ شحنة الغضب ومنها رضاه عن نفسه في كشف وفضح هذا الشخص الذي ظلمه أو أغتصب حقوقه .
ومن هنا فإن من شكا غيره على سبيل الكيد له هو ظالم لهذا الذي كتب في حقه أو تكلم في حقه وهو مؤذ له والله تبارك وتعالي يقول ( أن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وأثما عظيما ).ولا يليق بالانسان أن يؤذى الآخرين بهذه الشكاوى الكيدية فماذا سيقول هذا لربه يوم يحاسبه على ما كتب وعلى ما قال إذ يقول ربنا ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذره شرا يره ). ويقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ( اتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب يرفعها الله فوق الغمام ويقول وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ) .
وعلينا أن نبتعد عن ظلم وإيذاء الآخرين وأن يكون صادقا عدلا يراقب ربه في كل مكان في السر والعلن فينعم المجتمع بالود والتراحم والتسامح .