مقالات

بزنس التوكتوك .. كتب : على إمبابي

بزنس التوكتوك .. كتب : على إمبابي

بزنس التوكتوك .. كتب : على إمبابي
علي إمبابي

مما لاشك فيه أن لدينا مشكلة فى التعايش مع مستجدات العصر من الناحية الاقتصادية و لقد ساعد حرج الوضع المعيشى والانكماش الاقتصادى العالمى وتداعيات أزمة كورونا عالميا مؤخرا، على تفاقم تطور وتعقيد وتفسخ صور دخل الانسان المصرى أو المواطن من عامة الشعب ، لدرجة استباحة أى عمل أو نشاط ولو غير متخصص أو ناتج عن موهبة أو كفاءة أو تدريب، ليكون مبررا لزيادة دخل المواطن بمجتمع ورث قواعد الاشتراكية لتحقيق العدالة الاجتماعية ويصارع بنظم الرأسمالية أدوات وحرية السوق .

ومن هنا يرفض ذلك المواطن المغلوب على أمره بسبب الموروثات الاقتصادية الخاطئة التى تربى ونشأ وهو مؤمن بها ومعتنقا بأفكارها إلا ويصارع لاستحداث صور لزيادة دخله ولو على حساب الحلال والحرام والتخصص والجودة والذوق،
ويمثل دخل المواطن إجمالى ما يتحصل عليه وأسرته من عمله أو بأى مصادر أخرى يعتمدها، لأداء واجباته ومسؤولياته وتكون فيه النقود وسيلته الوحيدة لتلبيتها. 

الهدف الأسمي

وهو الهدف الأسمى الذى يكافح له ملايين المصريين يوميا لتوفير نقود كافية لمجرد سد التزاماتهم والبقاء أحياء وليس تحقيق أحلامهم.

المشكلة بدأت من تبنى الدولة بخمسينيات القرن الماضى للرؤية الاشتراكية بالعمل لحماية العمال والموظفين، الحد الأدنى للمرتبات، التأمينات الاجتماعية والصحية لحماية النسيج المجتمعى تحقيقا للعدالة الاجتماعية، بما جعل الدولة الأم الحانية لموظفيها، بفلسفة القطاع العام بنظم التعيين والفصل بقوانين العمل القديمة والمتعاقبة، على حساب جودة العمل والإنتاجية، بما أثمر مع الزمن رغم تغيير العهود، عن استئساد العامل والموظف بالخطأ، بقوانين وبيئات عمل تحمى أخطائه ولو على حساب نجاح أو مصلحة العمل ذاته طالما الخطأ خارج أسباب الفصل المحددة بقوانين العمل. وعليه أصبح دخله المضمون حكوميا لأغراض سياسية، هو الحد الأدنى المأمون والحافظ لهوية الشخصية المصرية بعلاقتها بالعمل ومفهوم هذا الدخل المضمون . ومن هنا انطلق مع التطورات الاقتصادية الأخيرة لتنويع مصادر دخله ولو على حساب جودة ما يقدمه أو يعمله، ولو كان ناقصا أو ضارا أو غير منتج بصورة محترفة.

منظومة القيم المصرية

المشكلة الأخرى، أن منظومة القيم المصرية والتعليم والثقافة والتدريب تهرأت بآخر 30 سنة، وسمحت للشخصية المصرية بالتقلب بين العديد من التصرفات والأنشطة والأعمال المعاونة لزيادة ذلك الدخل المضمون، بدون ضوابط أو قيم، وأصبح كسب النقود خارج الدخل المكتسب، هو العامل الحاسم للاستمرار بغض النظر عن صحة أو مشروعية أو جودة أو قيمة العمل المقدم، تمسكا باستئساد موروث بالجينات بحتمية دعم الدولة للدخل المضمون الأساسى .

ومن هنا طفت صور مشوهة لزيادة الدخل بالغناء أو الكتابة أو التمثيل أو السمسرة أو الإنتاج الفنى مثلا، بدون احترام للقواعد، المواهب، القيم أو استهداف ترقية الذوق، ظهر تطور بحالات المنافسة غير المشروعة وبيع الأسرار والرشوة، بل وأنواع جديدة مطورة للشحاتة والإتاوات غير المسماة، أصبحت زيادة الدخل مفهوما جديدا للبقاء وليس تفعيلا صحيا وحقيقيا لمعرفة القيمة الحقيقية للفرد ولاستثمار مواهبه واستهداف أسواق حقيقية تستفيد منهما .

صور لزيادة الدخل

لدينا أمثلة صارخة لصور زيادة الدخل بغض النظر عن قيمة ومواهب أصحابها، فأصبح معتادا للموظفين العمل بـ«أوبر» و«كريم»، العديد تحول لبزنس التوكتوك، وبيع التجزئة أونلاين، للسمسرة بالبشر والحجر، بزنس المسابقات التلفزيونية، تجاوز أفلام عهد المقاولات للتكسب من السواد والمساوئ وأغانى المهرجانات إلخ.

أصبح دخل المواطن بالمنظومة القديمة، مقيدا بمجتمع يحتاج تطويرا يحرره بتعليم وتثقيف وتدريب البشر يعاصر نهضة الحجر، تطويرا يستهدف استعادة وإنعاش الشخصية المصرية وقيمها ومفهومها لقيم العرض والطلب والتطوير الذاتى واستحقاق الأجر عن جدارة ومعرفة ونتائج، وليس الورث أو الفرض أو الإتاوة. دخل المواطن يحتاج مفهوم اقتصادى اجتماعى سياسي، يلزمه خطط طموحة لربط عموم المصريين (وأغلبهم شباب) بعهد جديد يعبر به من الدخل المضمون لدخل الاستثمار، ليصل به للدخل الطبيعى الذى يجعله يعيش آمنا.

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى