مقالات

حمدي رزق يكتب: الصَّوْمُ الكَبِيرُ

حمدي رزق يكتب: الصَّوْمُ الكَبِيرُ

حمدي رزق يكتب: الصَّوْمُ الكَبِيرُ
حمدي رزق

الصَّوْمُ الأَرْبَعِينِىُّ، هو أحد فترات الصيام حسب الديانة المسيحية، يبدأ فى يوم «أربعاء الرماد» حسب الطقس اللاتينى، أما حسب الطقس الشرقى فيبدأ يوم الاثنين. وتستمر فترة الصيام المسيحية إلى حوالى ستة أسابيع قبل «عيد القيامة» المجيد.

الغرض التقليدى من «الصوم الكبير» هو إعداد المؤمن من خلال الصلاة، والتوبة من الذنوب، والصدقة وممارسة أعمال الرحمة.

تُقام طقوس «الصوم الكبير» من قِبل كنيستنا الوطنية (الأرثوذكسية) والعديد من الكنائس المسيحية، منها الكنيسة الأنجليكانية، والكالفينية، واللوثرية، والميثودية، والكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وفى تقاليد الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية والمشرقية، وتمارس اليوم أيضًا بعض الكنائس المعمدانية والإنجيلية الصوم الكبير.

والصوم فى المسيحية هى فترة انقطاع عن الشهوات الجسدية (الطعام) والشهوات الروحية (الأعمال السيئة)، والتبرؤ من الرياء والنفاق إلى صدق الإخلاص وخالص الصفاء للبحث عن وجه الله تعالى الذى يرى فى الخفاء.

تهانينا لإخوتنا بالصوم الكبير، موصولا بصوم رمضان، بركة مضاعفة، ومغفرة، ومثوبة إلى الله، والصيام يترجم فى المسيحية، «القطاعة» بمعنى الامتناع عن اللحم ومرق اللحم، وعن البياض، البيض والجبن والألبان والزبدة إلخ. أما السمك فيسمح به فى أيام معيّنة. وكذلك الزيت فى أيام معيّنة.

ما يترجم مقاطعة طوعية لكل هذه الأغذية التى كسرت أسعارها كل السقوف، مقاطعة روحية، على وقتها كما يقولون، فرصة وسنحت لخفض الطلب على اللحوم والدواجن والبيض والأسماك.

إخوتنا يصومون، وتخيلا لو نسبة لا بأس بها من المسلمين فعلتها صوما مسيحيا عن كل ما فيه روح، لانخفض حجم الاستهلاك والطلب على اللحوم والدواجن والبيض إلى النصف تقريبا، ولأنها سلع لا تحتمل التخزين الطويل، ستنخفض حتما أسعارها فى الأسواق.

فلنجرب الصوم الكبير معا، ونستبدل اللحوم والدواجن والبيض بالبقوليات ومشتقاتها، ومثيلتها، والوصفة سهلة وموصوفة عند إخوتنا، ومجربة تماما، وإخوتنا يؤدونها عبادة، وبروح تعبدية، ليس اضطرارا ولا مشقة ولا تكليفا صعيبا.

متى نفعلها بنفس الروح الطيبة؟، مقاطعة صامتة بالصيام الطوعى عن اللحوم والدواجن والبيض، وفرصة نشارك إخوتنا صيامهم، ونجرب سياقهم التعبدى، شراكة إنسانية لا أكثر، بعضهم يصومون رمضان معنا.. محبة.

فلنسمها صياما، لا مقاطعة، ونحصد الثمرات، معلوم ومجرب، جماعة التجار لن يستقيموا على الطريق القويم إلا إذا بارت تجارتهم فى الأسواق، يستحيل استمرارية هذا السعار فى الأسعار، الناس تشترى تحت ضغط الحاجة إلى طعام وشراب، والأطفال يلتفون حول قدور تغلى بماء قراح، حتى هياكل الفراخ أصبح لها سعر، وتتشدق المواقع الإخبارية بأسعارها كل صباح، واللى ما يشترى يمصمص شفاة ويعض عليها ندما.

يقينى «الصوم الكبير» اختبار جدى لصدقية الأسعار المبالغ فيها، خروج نسبة ليست هينة من سياق الطلب، مفروض نشعر بمردوده على العرض وأسعاره، صيام إخوتنا حتما سيعكس نفسه فى الأسواق، ومع مقاطعة من جانبنا كمسلمين، اختيارية، بتقليل الطلب إلى حدوده الدنيا بفعل فحش الأسعار، مفروض تعتدل كفة الأسواق.

سيقول متشائم، ولو صام الشعب كله الأسعار فى سعار، والمتشائم يفضل الانتظار، والمتفائل مثلى يقول كما قال الشاعر الفيلسوف أبو الفضل «ابن النحوى» اشتَدَّى أزمَةُ تَنفَرِجى.. وفرجه قريب.. إن شاء الله.

 

 

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى