مقالات

حمدي رزق يكتب: «من الحب ما قتل» !!

حمدي رزق يكتب: «من الحب ما قتل» !!

حمدي رزق يكتب: «من الحب ما قتل» !!
حمدي رزق

إذا لم تردعهم الإعدامات، ما الذى يردعهم، ثالث فتاة فى ثلاث محافظات تقتل غيلة بدافع «الحب»، وفى كل مرة يخادعون أنفسهم بمقولة «من الحب ما قتل»، فى تبرير وقح لإزهاق الأرواح البريئة!!

هكذا العبارة تطلق عنوة فى الفضاء الإلكتروني، تبريرا مقيتا لجرائم القتل الغرامية التى شاعت أخيرا، والحب برىء من الدماء، من يقتل لم يذق طعم الحب، ولم يتخلل الحب شرايينه، قلبه قد من حجر صوان.

«من الحب ما قتل»، هذا قول مغلوط، منسوب إلى «الأصمعي» ( عبد الملك بن قريب بن على بن أصمع)، راوية العرب، وأحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان، قالها معزيا فى انتحار عاشق، نادما (الأصمعي) على نصيحته الخرقاء، عندما نصح العاشق الولهان «إذا لم يجد الفتى صبرا لكتمان أمره.. فليس شيء سوى الموت ينفع».. فانتحر العاشق عملا بنصيحته، وذاعت مقولة الشاعر الذى ظل حتى نهاية عمره يعانى عقدة ذنب اقترفه.

وقيل فى وصف الحب «أسمى عاطفةٍ من الممكن للإنسان أن يتقلَّدها ويُصبح فاعلًا فى مجتمعه من خلالها، فالحبُّ لايقتصرُ على وجهٍ واحدٍ ولا على طريقةٍ واحدة، ولا يكون الحبُّ صادقًا إلا إن تقيَّد بالطُّهر والنقاء والصفاء، وغالبًا ما يعتبرالمُحب أنَّ علاقته مع محبوبه هى طوق النجاة من مآسى الحياة ومُلمَّاتها.. والحبُّ لا يفقد بريقه مع الأيَّام فكم من مُحبٍّ مات فى سبيل حبُّه حزنًا وكمدًا من الفراق وتَطلُّعًا إلى الوصال».

وللرافعى (مصطفى صادق بن عبد الرزاق الرافعي) مقولة فريدة: «لا تَغْضَبْ من حماقةِ امرأةٍ تحبُّها، ولا تَغْضَبى من حماقةِ رجلٍ تحبِّيْنَهُ، وإلا فأينَ تَدُسُّ الحياةُ سَمَّها إلا فى ألذِ أطعِمَتِها؟»!!

يقينا القتل ليس بدافع الحب، بل بدافع الحقد والغل والكراهية، بدافع الانتقام، وقديما كان هناك فيلم شهير اسمه «غرام وانتقام» متلازمة الغرام والانتقام ما نعانيه الان، وسنعانى منه فى قادم الأيام، متوالية القتل بدافع الحب كذبة تخيل على العقول الخاوية، ما نعانيه الخواء العقلى لشباب لم يطعموا قولا ولا فكرة، يهيمون على وجوههم فى فضاء إلكترونى مريع، كل هذا العالم من حولى لا أحد، وتجارب القتل الذائعة تثير نوازع الشر المطمورة فى النفوس.. نوعا من التقليد الأعمى!

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى