مقالات

حمدي رزق يكتب: لحم كتافكم من خيره

حمدي رزق يكتب: لحم كتافكم من خيره

حمدي رزق يكتب: لحم كتافكم من خيره
حمدي رزق

بَيْنَ الفَيْنَةِ وَالأُخْرَى، يخرج علينا أحدهم يلوح فضائيًا بنقل استثماراته إلى خارج الوطن، نكاية، إلى دول الجوار، في مكايدة بائسة، وكأن مصر ستخرب برحيله عنها، ومصر باقية.

تحزننا وتحز في قلوبنا مثل هذه التصريحات السلبية التي تصدر من مقدرين وطنيًا في لحظة مصيرية يمر بها الوطن، ما أغناهم عنها، تثقل كاهل الوطن المتعب من تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية، وتؤثر بالسالب على تصنيفات وتقديرات مؤسسات دولية لقوة الاقتصاد الوطنى، تؤشر عليه بالسالب.

صحيح لا علاقة للمال والأعمال بالوطنية، ورأس المال معلوم لا وطن له، والوطنية لا تلزم أحدًا بالاستثمار في وطنه، ولكن كفوا أذاكم عن الوطن الذي صنع ثرواتكم، الوطن يستحق منكم أفضل من هذا اللغو، يستحق منكم الأفضل لأنه الأفضل، ولأنه صاحب الفضل عليكم، لحم كتافكم من خير هذا الوطن الذي تنكرونه في لحظة فارقة.

متوالية التصريحات المؤلمة من بعض رجال المال والأعمال ترسل رسالة سلبية إلى الراغبين في الاستثمار في مصر، في توقيت حساس والوطن يمر بمنعطف جد خطير، في عرض استثمارات جديدة، للأسف تصدر منهم عمدًا على طريقة «يمسكنى من إيدى اللى بتوجعنى»!!

لو أحصينا حجم أعمال نفر من هؤلاء من كعكة الأعمال التي تتيحها الدولة في مشروعاتها القومية، تعجب، قضمة مليارية ضخمة، ولكن بعضهم شرهون، هل من مزيد؟ دون اعتبار لمقاصد الوطن العليا في ظل أزمة عاتية تُلقى بظلالها على الطيبين في الطرقات.

ليس هناك ما يمنع أحدًا من الاستثمار في الخارج بحثًا عن فرص ربما أفضل مؤقتًا، ولكن الاستثمار قربى للوطن، في محبة الوطن، واجب مستوجب على كل وطنى غيور على وطنه.

حجم الأرباح المليارية التي تحققت لديهم من الاستثمار في الوطن قبلًا رسمتهم مليارديرات ملء السمع والبصر، ولاتزال تتحقق، خليقة بتحمل بعض المشاق، الاستثمار مكسب وخسارة، ولا أظن أن هناك خسارة محققة حاقت بهم، ولكن الأرباح على ما تعودوا عليه ملياريًا ليست متحققة بالشكل الذي خبروه.

الوطن ممتحن، والوقوف في ظهر الوطن من شيم الأخيار، وهناك في المقابل رجال مال وأعمال يقدرون الوطن حق قدره، ولا يرتضون عنه بديلًا، ويجتهدون ومستمرون في السوق رغم الصعوبات، ولا يُتبعون استثماراتهم مَنًّا وَلَا أَذًى، ويقتصدون في التصريحات العلنية، ويناقشون بجدية وتجرد مع أولى الأمر، بحثًا عن فرص استثمارية واعدة، وتحسين جودة مناخ الاستثمار دون ممارسة ضغوط إعلامية تثير ضجيجًا مفتعلًا.

رفقًا بوطن لم يقدم لكم إلا كل خير، وخيركم الذي ترفلون فيه من خير هذا الوطن، ولن أحدثكم عن سوابق استثماراتكم في بلاد بعيدة وقريبة، خسرتم الجلد والسقط، ولم يفتح أحدكم فاه، بل ابتلعتم خسارتكم وألسنتكم.

ولكن هنا في الوطن، ولم تخسروا جنيهًا بعدُ تطول الألسنة، وتلوحون، وكأنكم تعيشون معنا على حرف، صحيح قاعدة في السراء والضراء وحين البأس لا تلزمكم في شىء، ولكن تلزم الطيبين بشدة في ظهر الوطن دومًا.

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى