العارف بالله طلعت يكتب : محطات فى حياة محمد التابعي
فهو من(مواليد 18 مايو 1896 في خليج الجميل، بورسعيد – وتوفي فى 24 ديسمبر 1976 في السنبلاوين، الدقهلية) صحفي ولقب بأمير الصحافة.
بدأ محمد التابعي عام 1924 بكتابة مقالات فنية في جريدة الأهرام تحت توقيع حندس. كما كتب في بداياته في روزاليوسف بدون توقيع، فقد كان يعمل موظفا في البرلمان المصري .
وكادت مقالاته السياسية أن تحدث أزمة سياسية بين الدستوريين والسعديين. استقال التابعي من وظيفته الحكومية وتفرغ للكتابة في روزاليوسف وكان ثمنها في ذلك الوقت خمسة مليمات مصرية، وتسببت مقالات التابعي السياسية القوية في زيادة توزيعها حتى أصبح ثمنها قرش صاغ.
أسس التابعي مجلة آخر ساعة الشهيرة عام 1934، وشارك في تأسيس جريدة المصري مع محمود أبو الفتح وكريم ثابت، كما كان محمد التابعي هو الصحفي المصري الوحيد الذي رافق العائلة الملكية في رحلتها الطويلة لأوروبا عام 1937.
وكان شاهدا ومشاركا للعديد من الأحداث التاريخية آنذاك. كان له أسلوب ساخر، فقد أطلق أسماء هزلية على بعض الشخصيات السياسية المعروفة، وكان يكفي أن يشير التابعي في مقال إلى الاسم الهزلي ليتعرف القراء على الشخصية المقصودة.
تم تأليف العديد من الكتب عنه ومنها سيرته الذاتية في جزأين بقلم الكاتب الصحفي الراحل صبري أبو المجد، وكذلك من أوراق أمير الصحافة بقلم الكاتب الصحفي محمود صلاح، كما ألف عنه حنفي المحلاوي كتاب غراميات عاشق بلاط صاحبة الجلالة، ويحكي عن أشهر غراميات التابعي في مصر وفي أوروبا.
قال عنه مصطفي أمين: «كانت مقالاته تهز الحكومات وتسقط الوزارات ولا يخاف ولا يتراجع، وكلما سقط علي الأرض قام يحمل قلمه ويحارب بنفس القوة ونفس الإصرار. تتلمذ على يديه عمالقة الصحافة والسياسة والأدب مثل حسنين هيكل، مصطفى وعلي أمين، كامل الشناوي، إحسان عبد القدوس، أحمد رجب وغيرهم.
ترجع جذور عائلة محمد التابعى لمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية وإن كانت ولادته تمت بمحافظة بورسعيد حيث كانت تصطاف أسرته، وقد أسمته والدته على اسم الشيخ محمد التابعى تيمنا به، حيث أنه أول ولد فى العائلة بعد ثلاث شقيقات يكبرنه سنا، ومحمد التابعى هو اسمه المركب، ومحمد وهبة هو اسم والده.
وقد اختلفت الأقوال حول سنة الميلاد حيث أن شهادة الميلاد الرسمية لدى العائلة تاريخ الميلاد بها 1903، والتحق بالمدرسة الأميرية الابتدائية فى المنصورة وحصل على الابتدائية عام 1912 قبل أن يلتحق بالمدرسة السعيدية الثانوية ويحصل على التوجيهية عام 1917، ثم ليسانس الحقوق فى 1923.
وعمل موظفا فى إدارة التموين بمدينة السويس فتولى الإشراف على توزيع مواد التموين بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى إلى أن انتقل إلى القاهرة ليعمل موظفاً فى قلم الترجمة بمجلس النواب وهنا بدأت مرحلة جديدة فى حياته.
تميز التابعى بأناقته ومن هنا جاء لقبه الأشهر “أمير الصحافة المصرية”، فكان معتادا على السياحة فى باريس وجنيف، وله ذوق رفيع فى اختياره لملابسه، ولم يكن ينزل إلا فى أغلى الفنادق العالمية متحملاً نفقات أجنحة الملوك والأمراء، أما فى القاهرة فكان يعيش فى شقته بحى الزمالك.
سعى لتكوين أول نقابة للصحفيين وكان من أعضائها المؤسسين، حيث صدر قرار وزارى فى مارس سنة 1941 بتشكيل مجلس مؤقت لادارة النقابة برئاسة محمود أبو الفتح وعضوية الأساتذة إبراهيم عبد القادر المازنى، وجبرائيل تقلا، وفارس نمر، ومحمد التابعى، وعبد القادر حمزة، وادجار جلاد، وحافظ محمود ومحمد خالد، ومصطفى أمين، وفكرى أباظة وخليل ثابت.
ومن تلامذة التابعى الرئيسيين هم مصطفى وعلى أمين فى مجال الصحافة، وإحسان عبد القدوس فى مجال الأدب، والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى مجال السياسة، ولكل منهم مكانته فى قلب وعقل أستاذهم.
كان التابعى زوجا مثاليا وأبا رائعا شديد الحنو والكرم والضعف أمام أبنائه، وكان صبورا جدا مع أولاده فلا يسخر من شيء يقال أو رأى طفولى أو ساذج، بل يأخذه بمأخذ الجد.
كتب التابعى 13 رواية بالإضافة لترجمة كتاب “مذكرات اللورد سيسل” فى العشرينيات، ومن أشهر مؤلفاته “من أسرار الساسة والسياسة”، وهى تعتبر السيرة الذاتية لأحمد باشا حسنين وكذلك “أسمهان تروى قصتها”، و”بعض من عرفت” وهى مجموعة قصص من واقع الحياة، بالإضافة إلى “لماذا أقتل”، و”مذكرات موظف مصري”.
سجن مرتين فى عهد الملك فؤاد وصدرت ضده أحكام فى عهد الملك فاروق ولكنها لم تنفذ، فيوسف بك وهبى دفع له الكفالة، وهو ما ذكره التابعى بمقولة شهيرة “صديقى اللدود دفع لى الكفالة”، وقال عنه يوسف وهبى “التابعى صديقى اللدود الذى يسقينى السم فى برشامة”، وذلك لأنهما كانا يسهران معا ثم يجد يوسف وهبى مقالا فى الصباح يهاجمه بقلم التابعى، وكان تعليق عميد المسرح العربى على ذلك “أفضل أن يهاجمنى التابعى فى صفحة عن أن يمدحنى فى سطرين ثلاثة.. لأن ده بالعكس بيشهرني”.
كانت علاقته ودية بكل الرؤساء، وكان من أشد أنصار الثورة فى أول الأمر، كما كان يشيد بالملك فاروق فى صغره وأطلق عليه “الملك المأمول فى شبابه”.
ومن أشهر أقواله المأثورة
رسالتي الصحفية أن أحارب الظلم أيا كان وأن أقول ما أعتقد أنه الحق ولو خالفت في ذلك.
أنا لا أسكت على الحال المايل، رأيي أن الصحافة تستطيع أن توجه الرأي العام، وليس أن تتملقه أو تكتب ما يسره أو يرضيه.
أن يفوتك 100 سبق صحفي أفضل من أن تنشر خبرا كاذبا.
واستمر فى الكتابة حتى عام 1971، وكانت آخر مقالاته عن الرئيس الراحل محمد أنور السادات.