مقالات

حمدي رزق يكتب: آخِرُ الدَّاءِ الكَيّ..

حمدي رزق يكتب: آخِرُ الدَّاءِ الكَيّ..

حمدي رزق يكتب: آخِرُ الدَّاءِ الكَيّ..
حمدي رزق

على قول كوكب الشرق «أم كلثوم»:

فات من عمرى سنين وسنين

شفت كتير وقليل طيبين

اللى بيشكى حاله لحاله

واللى بيبكى على مواله..

والشكوى لغير الله مذلة، والمقاطعة الشعبية للسلع التى جُنّت أسعارها ضرورة مستوجبة، لم يعد هناك حل مُجرَّب فى مواجهة غائلة الأسعار وتوحش التجار سوى المقاطعة لمدد تطول أو تقصر، لسلعة أو اثنتين، حتى نجبر التجار على الانصياع للإرادة الشعبية، التى ترفض هذا الاستغلال البشع وهذا التوحش اللإنسانى!!.

خليها تبور، وبعض السلع سريعة البوار، اللحوم والدواجن والبيض، شهر واحد وسيرضخ التجار للإرادة الشعبية، أقله ينخفض الطلب، ولو بنسبة، ليعرفوا أنهم تحت رحمة المواطن، وليس العكس، المواطن ليس مُسَيَّرًا ولكنه مُخَيَّر، وذو إرادة حرة، ومجموع «تجار الأرنص» بغوا فى الأسواق فسادًا.

سعر السلعة مضروب فى اثنين أو ثلاثة، وكل صباح بسعر، وكل بقال بسعر، وتجبُّر على مخاليق الله الغلابة، قرص الطعمية بجنيه، والرغيف (بعيدًا عن كارت الخبز المدعم) باتنين جنيه، والكل يبيع ويشترى فى الناس، وكأن الناس ضحية، ضحية الجشع والاستغلال.

حديث الدولار يسرى، تسأل البقال فى الحارة المزنوقة يقولك أصل الدولار، وهو عمره ما شاف الدولار، ومنصات إلكترونية عقورة شغالة سعر الدولار، سعر الدينار، سعر الفراخ، وإلحق سعر البيض.

مضاربة فى بورصة قذرة تعكس صورتها القبيحة فى الأسواق، والأسعار المؤلمة تسمع فى الأسواق، واللى ماسمعش يسمع، واللى ما يشترى يتفرج.

لو جمعيات حماية المستهلك حية تُرزق، لَدَعت إلى مقاطعة السلع ذات الأسعار الاستفزازية، وقصر الاستهلاك على الضرورى، يعنى إيه البيضة بـ٣ جنيه، بيضة الديك، هوه فيه إيه، بتعملوا فى الناس كده ليه، الناس تستحق منكم أفضل وأرحم من كده، المستهلك رأسمال التاجر، والمستهلك سيد السوق، هو مَن يملك قرار الشراء.. والزبون على حق.

نرجع تانى لـ«خليها تخلل»، تخيل لو قاطعنا البيض أسبوعًا واحدًا، لركع تجار البيض على الأرض يطلبون العفو والسماح، ولو قاطعنا الفراخ أسبوعًا بعده، وهكذا دواليك، لازم نفرض إرادة المستهلك على السوق، لسنا قطيعًا تسوقه مجموعة من تجار الأقوات.

لا محل للإعراب لجماعة نظرية العرض والطلب، هذه نظرية تصح فى الظروف الاقتصادية الطبيعية، ولكن فى اقتصاد أزمة، ووضع اقتصادى صعب، سحقًا لنظريات الاقتصاد الحر، إزاء اقتصاد الندرة وليس الوفرة، أمام تعطيش أسواق، والتحايل على الأقوات، ومصّ دماء الشعب، مصاصو الدماء يحكمون الأسواق.

عارف هتقول والحكومة فين؟، عندك حق، ولكن الحكومة أمام خيارين كلاهما مر، تفرض تسعيرة جبرية وتغامر باختفاء السلع من الأسواق، أو تضخ ملايين الأطنان فى منافذها الشعبية، الحكومة شغالة مطافئ، ولكن هناك مَن يشعل النار تحت أقدامها وأقدامنا، ولا يشبعون أبدًا من الكسب الحرام، نهمون متعطشون لدماء الغلابة، أدمنوا المكاسب الفاحشة.. لم تعرف الأسواق فحشًا هكذا.

المقاطعة الشعبية وصفة مُجرَّبة، آخِرُ الدَّاءِ الكَىّ، آخِرُ السعار الكَىّ وتترجم الوصفة، مقاطعة للسلع التى خرقت كل أسقف المعقول، صارت فوق الطاقة الشرائية، وبفعل فاعل معتدٍ أثيم، يلقف اللقمة من أفواه الجوعى، والقدور تغلى بماء قراح

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى